Design by Islam Abu Algassim

أخر المواضيع

البيوت القصديرية

يطلق مصطلح الاحياء القصديرية او بمعنى آخر الاحياء العشوائية على ملجأ يأوي اليه الكثيرون من الذين يعانون من تدني في الدخل المعيشي و غير القادرين على تحمل نفقات الشراء، تتميز هذه الاحياء العشوائية بتدني خدماتها فلا توجد بها شبكات صرف صحي او كهرباء او مدارس مؤهلة .... الخ
و نجد الاحياء القصديرية يقطنها على الاغلب مهاجري الداخل وهم في زيادة مستمرة، و اذا ما امعنا النظر الى الاحياء الطرفية في العاصمة المثلثة (الخرطوم-بحري-امدرمان) فسوف تجد مواصفات الاحياء القصديرية مطابقة تماماً، كما لا تخلو العاصمة المثلثة نفسها من البيوت القصديرية.
قديماً قيل اذا كان بيتك من زجاج فلا ترمي الناس بالحجارة، إلا اننا في عصر اصبح فيه البيوت الزجاجية رفاهية، فبيوتنا مصنوعة ليست فقط من القصدير و لكن من قش قد تقضي عليه عود كبريت صغير، و على الرغم من ذلك نجد ان الحجارة تتقاذف من هنا و هناك دونما رادع، و لربما تتحول الى ساحة معركة كموقعة الجمل.
في مراجعة سريعة لأحداث الثورة السودانية عام 2011 و في ظل احداث المتغيرات الاخيرة بعد الانقلاب على الاخوان المسلمين، اختلفت الروايات حول الدور الذي لعبته حكومة السودان في هذه الاحداث و التي تعرف بمواقفها المؤيدة للاخوان برعاية من دولة قطر التي حاولت تقسيم الخليج العربي و وضعه تحت خيارات لم تكن قد توضع لولا اصرار قطر على اللعب بطريقتها لصالح اجندات خارجية و تبني الدولة الاسلامية.
و قد وقف التحالف السعودي الاماراتي المصري البحريني في وجه مخطط قطر للاسلام السياسي التي كانت تنوي ان تهيمن به على شمال افريقيا و الشرق الاوسط، على الرغم من ان محللون يرون ان قطر قدمت الاخوان المسلمين على طبق من ذهب و ان الغرض الاساسي من الحراك الشعبي هو معرفة تمويلات الاخوان المسلمين و من يدعمهم و بالطبع كشف اهدافهم واطماعهم في السلطة، و لكن السؤال كيف يمكن لدولة قطر ان تكشف انها الممول الرئيسي للجماعات الاسلامية و في مقابل كم من الصفقات و ما نوع هذه الصفقات؟ و يرجح ان كأس العالم الذي تستضيفه قطر عام 2022 و الذي تم التهديد بسحبه اكثر من مرة هي الورقة التي لا ترغب قطر في خسارتها و خصوصاً بعد تدني مشاهدي قناتها الشهيرة الجزيرة بعد احداث مصر، و التي دائما ما كانت تتهم بعدم حيادتها في نقل اخبار السودان بل انها تفضلت بها على غريمتها قناة العربية فيما لا يتفق مع اهداف قناة الجزيرة.
و لكن الا تتفق معي بإن الموضوع يتعدى استضافة كأس العالم و الهيمنة الاعلامية،و لربما افضل صياغة السؤال على منحى آخر هو ما الذي كانت سوف تجنيه قطر من قيام الامارة الاسلامية في شمال افريقيا على الرغم من علمها التام بإنهم ليسوا سوى مدعيي اسلام و انهم لا يمثلوا الاسلام في شيء بل يمكنك ان تقول انهم لا يختلفون عن عصابات المافيا في الفكر و التخطيط و التنفيذ، و قد طالت القراءات ان اللعبة تشمل ايضاً من هم خارج الشرق الاوسط فهي تشمل كلاً من تركيا، ماليزيا و سلطنة بروناي.
و بالرجوع الى دور السودان و إجادته المطلوب منه على اكمل وجه بالتواطئ مع الاحزاب الحليفة و غير الصديقة، ما الذي قدمه السودان للخروج من الأزمة بمعنى ماهي الورقة التي يمكن اللعب بها غير ورقة الحريات و الحقوق التي قدمها السيد الرئيس في خطاب الوثبة الاخير بتخطيط و دعم من قطر، و من البديهي انها قامت على تأمين خروج آمن لكل من شارك في هذه الاحداث من منتسبي الاحزاب الأخرى.
و لكن حتى البديهيات تحتاج الى شرح في السياسة، حيث لا يهم ان كنت كاذب او صادق مثلما فعلت سمية هندوسة في اقتناص الفرصة للترويج لنفسها عبر المسلسل الذي تم اخراجه ، و ليست قصة سمية هندوسة فقط فكل ماتم من احداث و جمعات كان من اخراج مؤلف بارع جدا.
و قد اضطرت الحكومة في ازاء الاوضاع الحالية الى التضحية بشخصيات بارزة في الحركة الاسلامية و اقصتهم من مناصب الحكم، و هاهي الآن تشن حملة واسعة للاطاحة بالاسماك الصغيرة في قضايا فساد تم اختيارها بعناية، و حتى يكتمل السيناريو اشارة الى العلماء و الفقهاء بمساندة الهبة الشعبية للقضاء على الفساد، فيما لا يزال الحيتان في مناصبهم العليا ....!!!
و لا نذهب بعيداً عن اجواء الندوات الميدانية و الجمعيات التأسيسية للاحزاب التي خرجت فجأة بين عشية و ضحاها، ناهيك عن الجلسات البرلمانية التي تطالب بمحاسبة المسؤولين كل ذلك تم في اقل من شهر و كأن ليلة القدر قد حلت بالسودان و أهله فهل رأيت استخفاف بالعقول اكثر من ذلك.
و في يوم حرية الصحافة و التعبير عن الرأي لن يرحم التاريخ ما صنعتموه بإيديكم و من ادخلتموهم الى اللعبة لإكتمال اركانها، لكن في ظل فيروس الانتخابات الذي يجتاح الدولة تلو الأخرى ما هو رصيد السودان من هذه الكعكة هو ما سوف تكتشفه لنا الايام القليلة القادمة ...  و اتساءل عرضاً عن ميثاق الشرف للصحفيين/ات في السودان ماهي بوصلته و الى اين يتجه؟! ..... و مازال العرض مستمراً!!!
بقلم اسلام ابوالقاسم

No comments