ارفع/ي صوتك
هذه التدوين مهداة الى روح الناشط عمَار درار الذي طالما سمعنا صوته ، إلى الغائب الحاضر بإعماله التطوعية ، الى من دخل قلوبنا دون استئذان ، ذكراك تبقى عبر السنين حكاية ثائر لم تمهله الحياة فلتقمه الموت.
يطل علينا يوم التدوين الفعَال تحت شعار: ارفع/ي صوتك وهو ما شكل مفاجأة بالنسبة لي نظراً لفقداني صوتي جراء الأحداث التي تعرضت لها، فتجدني اليوم في رحلة بحث عن صوتي علني أجده، و هي للأسف احداث غير مرئية!!
أفكر في الشباب /ات و ما يعانون من تحديات تسلب منهم اصواتهم/ن و تحولهم إلى مجرد اداءة يتم استخدامها لأغراض سياسية بما في ذلك المرأة و الطفل ، اذكر عند زيارتي إلى دبي حدثت مشاجرة بين اثنتين و كان بمكان ان اتصلت احداهن بالشرطة، فهرعت سيارة الشرطة في منتصف الليل إلى الشقة لمعرفة فحوى المشكلة و اخذت تستمع إلى شكوى كلتا الفتاتين باهتمام بالغ، لم اهتم او اكترث و بقيت في غرفتي أفكر فيما لو حدث ما حدث في بلدي السودان.
في السودان يحدث الكثير و على الرغم من ذلك عليك ان تذهب برجليك إلى الشرطة سواء أكنت مشقوق الرأس او الدماء تسيل منك، أما ما يحدث في البيت فهو شأناً عائلي لا علاقة بالشرطة به من بعيد او قريب، وهو ما يجعل من الأهل حجر عثرة او حتى في الشارع، فالشرطة لا تحضر إلا بعد ان تصبح قتيل او منتحر !! ناهيك عن النظرة الدينية بإن صوت المرأة اذا ما ارتفع فهو عورة و لا يجوز ذلك فقهياً.
لقد ضاع صوتي في زحمة الأيام ، ضاع صوتي بين احداث لا تصدق و ما هو الآن إلا صدى لما كنت عليه، فقد تم فرض عزلة منزلية أو كما يسميه البعض تم فرض حظر تجوال او قيد الإقامة الجبرية لكنها صامتة، دون ادنى احساس و مع ذلك نجد المتشدقين بحقوق الانسان و الحريات يتحدثون عن قبول الرأي الآخر و عن بسط الأمن و حرية التعبير.
و تكمن الصعوبة في تحديد التصرفات التي يمكن وصفها بالانتهاك في المجتمع، حيث تكون مبتذلة و غير واضحة المعالم كما انها صعبة التصديق ، فعندما تتحدث عن الأهل المقربين فهم جزء من كيان وجودك و إشارة اصابع الاتهام اليهم هو في الحقيقة كإشارة الاتهام الى نفسك، انه من الصعب على الانسان في هذا الوقت ليس ان يفرق بين الكذب و الصدق أو بين الحقيقة و عكسها، بل تكمن المشكلة في مواجهة تصرفات غير مفهومة و مبهمة ، و مما لا شك فيه ان هناك رأس أمني مدبر للاختباء خلف الأهل و جعلهم واجهة العنف .
بعد ثورات الربيع العربي أصبح التعبير عن الرأي اكثر صعوبة و تعتبر النقاشات العقيمة تحدي يواجه الشباب/ات لإثبات ما يريدون و الأحلام التي يريدون تحقيقها، اصبح الحوار الدسم الذي يكيل بمكيالين هو السائد فكيف من الممكن ان ترفع صوتك في ظل هذا الضجيج المزعج و الضحكات الساخرة ، كيف يمكن ان ترفع صوتك في ظل عدم الاعتراف بمجهوداتك و تحويلك إلى نمرود لا يعترف بالجميل و تبخيس احلامك و رغماً عنك تجد نفسك موجود بين اشخاص وصل بهم الأمر الى بيع صوتك و قبل ذلك انسانيتك، فتغيير النفوس صناعة سودانية بامتياز يمكن ان تصبح ناكر او معقد او حتى عديم الإحساس و قد كنت سابقاً ارفع شعار حسن الظن و قد اكتشفت ان حسن الظن لا مكان له وسط غابة الأفيال !! خذوا ما تريدون و اتركوا لي صوتي.
No comments
Post a Comment