Design by Islam Abu Algassim

أخر المواضيع

نية الانتماء


عندما نذكر كلمة الانتماء اصبح يتبادر الى الاذهان كمية من الاتهامات تكال صباح مساء الى ابناء/بنات هذا الوطن لعدم انتمائهم ولا يتم التطرق الى الاسباب التي ادت الى هذه النتيجة من حيث المضمون والى تحليل منطقي و واقعي لما هو عليه الحال.
يمكن تقسيم الإنتماءات إلى انتماءات موروثة و انتماءات مكتسبة، و الموروثة هي ما يكتسبه الفرد من بيئته و
والديه وهو صغير دون إدراك كامل، أما الإنتماءات المكتسبة تأتي لاحقاً .
وقد تكون مبنية على العقل أو العاطفة أو كليهما معاً، و كلما زادت مساحة العاطفة في الإنتماء كلما كان التمسك بالمنتي إليه أكبر. 1
دوائر الإنتماء
و قد حاول باحثي الاجتماع تحليل نسيج المجتمع لمعرفة متى ترقع و تفكك وقد وجدت المدرسة الاجتماعية نفسها في مأزق تحاول اصلاح ما رتقه الزمن فتمضي هذه المدرسة نحو الاجتماع على المسببات و الوقائع، وهو العمل على إيقاظ الأمة فكريًّا واجتماعيًّا وماديًّا؛ نظرًا إلى أن الأمة تعيش وضعًا سلبياً سيئًا على جميع الأصعدة بل تغط في سبات عميق و الأسوء هو المكابرة و الغوص في التنظير العقيم.
وقد توصلت هذه المدرسة الى اربع عوامل رئيسية تساهم في بناء نسيج الانتماء، وهي على التوالي بشكل هرمي من المهم الى الأهم تتمثل في التالي:
1-     الذوق العام
إذا ما نظرنا الى اتجاهات الذوق العام الان في المجتمع السوداني فسمته على الاغلب التباين الشديد الذي قسم المجتمع الى فئات او يمكن ان نسميها استراتيجية التفتيت التي تعمل على تفتييت المجتمع الى جماعات صغيرة منغلقة على نفسها ومن ثم يسهل انسلاخها عن المجتمع وبالتالي تفقد هويتها، فهناك فئة تهوى الاستماع الى مصطفى سيد أحمد مثلاً لا يمكن ان تتفهم او تستوعب موسيقى من النوع الهابط كـ (راجل المرأة) و هو شيء طبيعي، القصد من هذا المثال ان في الخمسينات و السيتينيات الجميع كان يستمع الى مصطفى سيد أحمد الطلاب – العمال – ست البيت والسائق لم يكن هناك فئة تغرد خارج السرب .
أما الآن الجميع يغرد خارج السرب وحيداً فهي السمة السائدة .. لا أحد مع أحد.
2-     المعرفة و الثقافة العامة
الرصيد المعرفي كخلفية له أثر كبير في تحديد قيمة الإتنماء و تشكيل الهوية حيث اثبت الباحثون ان السؤال الصحيح هو كيف يمكن تعزيز الهوية من خلال الانتماء بدلاً عن البحث وراء هوية مندثرة، أما الثقافة العامة تشكل محور رئيسي لمشاعر الانتماء و بنظرة سريعة حول وضع الثقافة في المجتمع يمكن ان نتوصل بصعوبة الى تحديد اولوية الانتماء الاجتماعي و النفسي فضحالة الثقافة ناهيك عن انعدامها لدى الفئات المتعلمة خصوصا ينبأ بمستقبل مظلم.
دوائر الإنتماء - مهمة إعمار الأرض
3-     الخلفية الاجتماعية
اذا ما استطردنا في قراءة سريعة على الوضع الحالي فسوف نجد ان طبقات المجتمع اصبحت متباينة جداً و بعيدة بحيث اختفت الطبقة المتوسطة و اصبحت طبقة الأغنياء منغلقة على نفسها فلهم مساجدهم التي  يصلون بها و حدائقهم التي يتنزهون بها، أما طبقة الفقراء الغالبية العظمى للمجتمع في ازدياد مستمر و يرجع ذلك الى سوء ادارة موارد البلاد و توزيع الثروات بعدل، ولكن الرواية الرومنسية التي ترتكز على حب ابن السائق الفقير من ابنة الملياردير هي تراجيديا من الدرجة الأولى تصلح كفيلم للمشاهدة فقط على خلاف الواقع الذي يفرض تقارب بين خلفيات المجتمع وهو ما يجعلنا نفكر في ابناء الأقاليم الذين يبحثون عن وضع افضل فيهربون الى العاصمة المدينة، و بالتالي يفرضون تداخلات منسلخة و للواقع روايته يمكن ان تستقي منها ما تشاء.
لذلك اصبح من غير المستبعد ان نسمع قصص غريبة عن (غسال سيارات) اصبح ملياردير فجأة و عن (الفكي) الذي يعمل كطبيب و له نفوذ تفوق نفوذ المسؤولين الذين يهرعون إليه طالبين رضاه.

4-     العقيدة و المبادئ
العقيدة الدينية عامل مهم و خطورتها تكمن في انها ذات قاعدة عريضة و شعبية كبيرة يمكن ان تشكل في الفرد انتماء حقيقي راسخ يتم دفع فاتورته على سنوات عديدة و يمكننا ان نستشهد ذلك من خلال الحرب الآنفة التي كانت دائرة بين جنوب السودان و شماله، ولا شك فيه ان نتائجها خصمت من رصيد الإنتماء الكثير و زعزعت هوية المواطن/ة السوداني بل شككت في مفهوم الانتماء كأهمية وهو ما فرض على ارض الواقع تجربة مغايرة للحقيقة وبالتالي تم اهمال الانتماء كأولوية.
لم يعد من الصعب رصد ما تعاني منه مجتمعاتنا من اضمحلال في القيم وسطحية في الفكر وضعف في السلوك الإنسانيّ رغم زخم واضح في القدرات والمهارات الفردية والمؤسساتية ولا تختلف المبادئ و القيم التي اضمحلت كثيراً عن العقيدة فهي ارتكازت انسانية داخلية تحرك ادراك الفرد نحو الاتجاه الصحيح و غياب هذه القيم يصاحبه واجهة يومية مع تكسر الأخلاق في جميع مناحي الحياة ولك ان تتصور عزيزي/ عزيزتي القارئة ما يجب علينا مواجهته من واقع أليم نهاية لهذه المبادئ و القيم.
اتمنى ان تكونوا استفدتم من الموضوع و قد اضاف بعد مغاير لما هو متعارف عليه أو على الأقل لما هو سائد من نمطية فكرية، و قد استعرضت العوامل التي تؤثر في عملية انتماء الفرد و بالتالي تزعزع من استقرار المجتمع و تخلق ردة فعل غير واعية لا ترقى الى مواجهة الأحداث فإذا عرف السبب بطل العجب.


بقلمي : إسلام ابوالقاسم علي 
_____________________________________________________
1. ترتيب دوائر الإنتماء، الدكتور أحمد الجعلي

No comments