ذكريات صراع الحقوق في السودان (1)
الذكريات مؤرقة و الكتابة عن الموت متعبة جدا و القراءة عن المنفى و
المجهول و القتل تجعلك تقتل ما بداخلك رويدا رويداً، قال لي: أصبح لا يوجد لدي اي
مشاعر لمن حولي، ليس لدي ما اقدمه لأحد .. لم يعد لدي ما أقوله أو أفعله!!
هذه الحالة تختلط بالألم و الوحدة و التوهان، حالة بإن هناك من لا
يهتم لما يحدث لك و ما تمر به ، تعاني لوحدك و لا أحد يشعر بما تشعربه، تحتاج الى
محفز حتى تتحدث او ان تشرح ما تمر به، لربما أغنية أو فيلم يعكس ما تفكر به أو ما
تريد أن تقوله.
تشعربالبرود حول ما يدور من حولك من أحداث و ان تتخذ قرار بعدم
التفاعل و تبتعد عن كل ما حولك و ان تنأى بنفسك و تحبس مشاعرك داخلك هو قرار تصبحه
مع مرور الأيام، أو بمعنى أصح يتخذه داخلك اللاوعي حتى لا يعرضك للشعور بالألم،
البحث عما تشعر يحتاج منك الى قدرة أكبر منك حتى تجد الإلهام من جديد.
في السودان و انا في رحلتي اليومية بين أمدرمان و الخرطوم اتفحص
الوجوه و آلام النفوس و الحقوق و الحريات التي تنتهك و تضيع على أرصفة الشوارع و
بين زحمة السيارات و الإيقاع السريع اليومي، تجعلنا نذوب كالثلج بين الممكن و
المستحيل و تحويل اللاممكن الى أحلام نتمنى ان تتحقق.
أن نتمتع بدولة المواطنة و بدستور يحمي الحقوق و حريات تتسع للجميع مع
رحلة بحث مستمرة عن ما يجب أن يكون و ما لا يكون ... الأخبار في التلفاز و الراديو
في حديث دائم عن انجازات الدولة و مع ذلك لا يصدق اي أحد ما يقال فقد اعتادت
الحكومة الكذب، و يتم تحويل ما يدور من تصريحات الى طرفة أو نكنة حتى نضحك و مع
ذلك لا نستطيع ... نفقد حتى الإحساس بمحاولة الضحك، تصبح الضحكة ثقيلة كأنها تقطع
أنفاسك و لا تخرج كما كانت كالسابق بكل عفويتها و صدحها.
لعل حالنا أفضل مما نرى في بعض الدول من سوريا و ليبيا و ما يفعله
داعش من حرق و نحر للرؤوس و نحمد الله على ما نحن به من نعمة وعلى أقل تقدير يجب
ان لا نكون جاحدين أمام موجة القتل المجاني التي تجتاح البلاد و حالة الحرب
اللامعلنة ضد معتقداتنا الدينية و قيمنا و رسولنا الكريم (صلى الله عليه و سلم)،
حتى قدرة الكتابة نفقد أبداعها مع مرور الوقت و الحاجة الى القراءة يصبح عبأ ثقيل
على كاهلي .
لا أدري الى متى سوف تستمر هذه الحالة و لكن هذه البداية و اتمنى ان
اصمد و استمر ... ادعوا لي
No comments
Post a Comment