ترجل القدر و غاب الأب الروحي
الأب الروحي للسودان انه حسن عبدالله الترابي رحمة الله عليه و الذي
عجن السودانيين و خبزهم إلا انهم مولعين بحبه و بخطاباته الرنانة، اعترك الحياة
السياسية و الدينية و أصبح مجدداً لفكر قيادي الإخوان عمر البنا، قاد أطول حرب في
افريقيا بين جنوب السودان و شماله.
عرف الترابي بقوة حجته و بآرائه النارية و فتاويه الغريبة و التي حاول
فيها لملمت شتات السودان مؤخراً من خلال حوار المؤتمر الوطني الذي وقف فيه من خلف
رئيس السودان عمر البشير كما كان يفعل دائماً و كإنه يقول انه مخرج السيناريو، فقد
عرف عن الترابي انه العقل المدبر للحركة الإسلامية ليس في السودان و حسب بل امتد
تلاميذته الى اليمن، فلسطين، تونس و جماعة الإخوان في مصر و غيرها من البلدان الذين يرون
فيه خلاصهم الديني و هوسهم البيزنطي.
و قد شغل الترابي الناس في حياته و مماته إلا انه عرف عنه عدوله و
اعترافه بإخطائه و التي سأل الله ان يكفر عما اقترفه من ذنوب في حق الشعب و لكنه
لم يسألهم ان يعفو عنه كعادة السودانيين، فمازال الحزن يخيم على بيوت أسر الشهداء ،
و أخيراً خسر الشيخ رهاناته على الإخوان المسلمين في مصر كما خسر الغنوشي في تونس.
و مما لا شك فيه ان غياب آراء الترابي سوف تترك فراغ كبير في الساحة
السياسي، و لكن يتراى للجميع ان وفاة الترابي تمهد طريق ذوبان المؤتمر الشعبي داخل
المؤتمر الوطني وهو ما يستهجنه البعض و لكن تترقب القوى السياسية التغييرات التي
سوف تعقب وفاة الترابي، كما يرى البعض ان حالة الفراغ السياسي هو وضع مقصود و مدبر
من الترابي نفسه و الذي اصبح في خبر كان الآن.
حسن الترابي |
و من الجدير بالذكر ان الوضع السياسي ينسلخ و ينفض من حوله المحاربين
القدماء من السياسيين تدريجياً فخروج الصادق المهدي من دائرة الصراع و رغبته في
الإنكفاء على العلم الإسلامي و السياسي و عدم حضوره لتشييع جثمان نسيبه و الإكتفاء
بالنعي من على البعد، و من ثم غياب الترابي، أما الميرغني مجرد واجهة براقة (يعني
لا بهش و لا بنش) كل ذلك يجعل المؤتمر الوطني يستأثر بالحكم و يبطش بخصومه، فمن
مصلحة من غياب الترابي عن المشهد السياسي؟!
الوضع السياسي السوادني البعض يراه معقد و البعض يراه في غاية
البساطة، فالحزن على وفاة الترابي سيمر و سوف يجدد تلاميذه العهد كما قالوها
بالإمس : إسلامية مية المية لن تحكمنا العلمانية ، إلا ان السيد الرئيس تعلم الدرس
و نأى بنفسه بعيد عن اي شعارات، و يأتي ذلك الموقف بعد ايام قليلة على افراج
القيادة الإمريكية لوصية بن لادن مدون عليها استثمارات بن لادن في السودان البالغة
اكثر من 29 مليون دولار، وهو ما وضع الحركة الإسلامية في موقف محرج جداً و اغلق
الباب حول محاولات رفع العقوبات الإمريكية عن السودانيين.
No comments
Post a Comment