Design by Islam Abu Algassim

أخر المواضيع

أم المناضلات فاطمة أحمد ، عطاء بقامة وطن


تفوقت فاطمة احمد رحمة الله عليها على نفسها وهي تعطي لأبناء و بنات السودان كل ما لديها من وقت و تعليم و توعية بأهمية حقوق المواطنة ، دافعت فاطمة احمد في حياتها بشراسة ناعمة عن ما تعانيه المرأة السودانية تارة بالدموع و تارة أخرى بالقلم.

فاطمة أحمد تم اختيارها ضمن أعظم عشرين شخصية سودانية في القرن العشرين وهو الكتاب الجديد الذي قام بتأليفه المدون وائل المبارك و لم يصل السودان بعد، و على الرغم من توقفي عن التدوينة لكنها أبت نفسي إلا و ان ادندن هذه الكلمات الحزينة عن وفاة شعلة النضال التي تعني لي الكثير و حزني يعتصرني انني عاصرت شخصيات سودانية لم تسنح لي الفرصة ان التقيهم و اتحدث معهم لعلني افهم دهاليز سياسة المجتمع السوداني.

لم تكن جنازة شمعة النضال حدث اعتيادي ففاطمة احمد ايقونة و محاربة اصيلة في حياتها و مماتها، لقد ظلت فاطمة أحمد تصدح بكلماتها العقلانية و تقرع الحجة بالحجة بالمبادئ التي كانت تؤمن بها، بكل الاحترام و التقدير، اننا نفقد مدرسة كان من الممكن للأجيال ان يتعلموا منها معنى الصبر على الأذى بالحسنى و الكلمة الطيبة .. لقد خسرنا فاطمة السمحة لكنها خسرتنا قبل ان نخسرها .. ايماننا ثابت بما قدمته للسودان و هي تفقد الحبيب و الزوج تحت مصقلة الديكتاتورية و بسيف الخيانة .. لم يكن لها ذنب سوى انها آمنت بالديمقراطية البتراء .. العرجاء.

لست في محافل المحكمة لكي أحاكم أحد فالتاريخ هو من يحاكم !! مرارة الأيام كانت سجال عزاء فاطمة أحمد رحمة الله عليها ما بين طرد والي الخرطوم عبدالرحيم و نائب رئيس الجمهورية بكري عبدالرحيم الذين مثل حضورهم استفزاز لمشاعر الشيوعيين و بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي الذين ضجت بوستاتهم بمثر الفقيدة و كأنها تودعنا للمرة الأخيرة.

و في ذات الوقت نجد ان فاطمة أحمد رحمة الله عليها لم تكن رمزاً للحزب الشيوعي فقط ، بل كانت حلم و أمان كل السودانيات بجميع أنتمائتهم و يتضح ذلك جلياً في التعدد النسوي الذي زين موكب جنازتها من مختلف الأحزاب و المنظمات و المؤسسات النسوية بل حتى الكيانات الشبابية سارعت الى تقديم واجب العزاء، إلا اننا وجدنا انفسنا أمام سجالات و مهاترات بين الاسلاميين و الشيوعيين في جنازة فاطمة احمد رحمة الله عليها، كل من الطرفين ادلى بما ينضح إناءه و فقدنا مآثر الفقيدة .. هكذا هي السياسة متاهة الشعوب !!

و ماذا نقول عنها و قد غابت شمس نضال المرأة السودانية التي رددت اسمها حبوبتي (جدتي) رحمة الله عليها وهي تقص علينا حكاوي فاطمة السمحة المرأة التي قارعت النظام العسكري بذكائها و صوتها الصدوح!! تغالبني الدموع و انا اتذكر حكاوي حبوبتي عن فاطمة السمحة اللي الغول كان عايز ياكلوها تموت كالغريبة بين آلالام الماضي و الوحدة في الغربة !! و لماذا لا تموت بيننا و بين جنابت الوطن الذي افنت عمرها له.. و على الرغم من انني متأكدة ان الرعاية الطبية في لندن افضل من الرعاية الطبية في السودان.  

واليكم/ن سيرة الفقيدة رحمة الله عليها :

ولدت فاطمة أحمد إبراهيم 1933 في الخرطوم/السودان، ونشأت في أسرة متعلمة ومتدينة. كان جدها ناظراً لأول مدرسة للبنين بالسودان وإماماً لمسجد، والدها تخرج في كلية غردون معلماً أما والدتها فكانت من أوائل البنات اللواتي حظين بتعليم مدرسي. لقد بدأ وعي فاطمة إبراهيم السياسي مبكراً نتيجة للجو الثقافي العائلي وتعرض والدها من قبل إدارة التعليم البريطانية للاضطهاد لرفضه تدريس اللغة الإنجليزية فاضطرللاستقالة من المدرسة الحكومية والتحق بالتدريس بالمدرسة الاهلية.
كان لفاطمة من فترة تعليمها في مدرسة ام درمان الثانوية العليا نشاطات عديدة منها تحرير جريدة حائط باسم "الرائدة" حول حقوق المرأة والكتابة في الصحافة السودانية (باسم مستعار) وقيادة أول إضراب نسائي بالسودان تطالب فيه بعدم حذف مقررات المواد العلمية في تلك المدرسة وعدم استبدالها بمادة التدبير المنزلي والخياطة وكان إضراباً ناجحاً أدى إلى تراجع الناظرة في قرارها وهنا بدأ الانخراط في النضال السياسي ضد الاستعمار. في عام 1952 ساهمت في تكوين الاتحاد النسائي مع مجموعة من القيادات النسائية الرائدة التي كونت رابطة المرأة المثقفة في عام 1947 وأصبحت عضواً في اللجنة التنفيذية، كما فتحت العضوية لكل نساء السودان وتم تكوين فروع للاتحاد في الأقاليم مما خلق حركة نسائية جماهيرية واسعة القاعدة.
من المطالب الاتحاد النسائي كما جاء في دستوره المعدل عام 1954 حق التصويت وحق الترشيح لدخول البرلمان وحق التمثيل في كل المؤسسات التشريعية والسياسية والإدارية على قدم المساواة مع الرجل، الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي والمساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، محو الأمية بين النساء، توفير فرص التعليم الإلزامي المجاني، توفير فرص العمل وتحويل المرأة إلى قوة منتجة، تحديد سن الزواج بحيث لا يسمح به قبل سن البلوغ، إلغاء قانون الطاعة وغيره.
وبسبب هذه المطالب وبالأخص المطالب السياسية، حق التصويت وحق الترشيح، تعرض الاتحاد النسائي لهجوم كاسح من قبل جبهة الميثاق الإسلامي بحجة أن الإسلام لا يسمح بمساواة المرأة وانخراطها في السياسة.
تسلمت فاطمة في يوليو 1955 رئاسة تحرير مجلة صوت المرأة الصادر عن الاتحاد النسائي ولعبت المجلة دوراً رائداً في مقاومة الحكم العسكري الأول.
في عام 1954 انضمت فاطمة للحزب الشيوعي السوداني وبعد فترة دخلت اللجنة المركزية. فالحزب الشيوعي السوداني هو أول حزب كون في داخله تنظيماً نسوياً وذلك عام 1946.
في رئاستها للاتحاد سنة 1956 – 1957 حرصت فاطمة على المحافظة على استقلال الاتحاد النسائي من أي نفوذ حزبي أو سلطوي ولضمان تحويل المنظمة إلى منظمة جماهيرية واسعة القاعدة.
اشتركت المرأة السودانية بقيادة اتحادها في المعركة ضد الأنظمة الدكتاتورية علناً وسرياً واشتركت في ثورة أكتوبر 1964 التي أطاحت بالحكم الدكتاتوري واصبح الاتحاد النسائي عضواً في جبهة الهيئات التي نظمت ثورة أكتوبر ونالت المرأة حق التصويت والترشيح. وفي انتخابات عام 1965 انتخبت فاطمة عضواً في البرلمان السوداني وبذلك تكون أول نائبة برلمانية سودانية. ومن داخل البرلمان ركزت على المطالبة بحقوق المرأة وما أن حل عام 1969 حتى نالت المرأة السودانية حق الاشتراك في كل مجالات العمل بما فيها القوات المسلحة وجهاز الشرطة والتجارة والقضاء، المساواة في فرص التأهيل والتدريب والترقي، الحق في الأجر المتساوي للعمل المتساوي، حق الدخول في الخدمة المعاشية، الحق في عطلة الولادة مدفوعة الأجر، إلغاء قانون المشاهرة (عقد العمل الشهري المؤقت)، إلغاء قانون بيت الطاعة.
بالرغم من الملاحقات والمضايقات للاتحاد النسائي من قبل الحكومات العسكرية واصلت فاطمة العمل سرياً برغم التهديد والسجن وما أصابها على النطاق الشخصي عندما قام الطاغية نميري بإعدام زوجها القائد النقابي الشهير الشفيع احمد الشيخ سنة 1971 ووضعها في الإقامة القسرية لمدة عامين ونصف، عدا حالات الاعتقال المتكررة من قبل أجهزة الأمن.
اضطرت لمغادرة البلاد عام 1990 وواصلت نضالها في المهجر بتنظيم الندوات والتظاهرات وترتيب قافلات السلام لجنوب السودان وغيره. ونالت فاطمة أوسمة كثيرة داخل وخارج السودان واختيرت رئيسة للاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي International Democratic Women’s Union عام 1991 وهذه أول مرة تنتخب فيها امرأة عربية أفريقية مسلمة ومن العالم الثالث له. وعام 1993 حصلت على جائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان UN Award.
من كتبها:
حصادنا خلال عشرين عاماً
المرأة العربية والتغيير الاجتماعي
حول قضايا الأحوال الشخصية
قضايا المرأة العاملة السودانية
آن آوان التغيير ولكن!
أطفالنا والرعاية الصحية


#بقلمي #اسلام_ابوالقاسم 



No comments