من يبالي للديمقراطية في افريقيا

افريقيا الى اين؟

الحراك الافريقي الزاخم منذ 2017 ينبأ بمستقبل باهر للقارة الافريقية فالقرارات الشجاعة التي اتخذتها الشعوب الافريقية برفض الترهل الفكري و ازاحة الوجوه القديمة التي تعجز عن القيام بأداورها بفعالية و تحكم قبضتها على القارة الافريقية التي اصبحت شعوبها أما غرقى بين البحار او عبيد للبيع او فئران تجارب لمختبرات طبية فاشلة.

لقد تحملت الشعوب الافريقية المسؤولية و نحن نراها اليوم تزيح من كراسي السلطة حكام اصبحوا عالة على شعوبهم فهم يحاولون المضي بالقارة الى الخلف مقارنة بالدول الاخرى الاسيوية ، الخليجية او الاوروبية، على الرغم من الثروات الهائلة التي تتمتع بها القارة الافريقية حيث تستفيد الدول الاخرى بهذه الثروات دون ادنى عائد او انتاج للدول الافريقية التي عشعشت العطالة على عقول ابنائها و تفشى الفساد فيها و العجز المالي بالاضافة الى المجموعات المسلحة و تجار البشر.

و مما يبعث على الدهشة و الاعجاب قدرة هذه الشعوب على اقالة ثلاثة رؤوساء في اقل من ست شهور، و قد بدأ هذا الحراك في 2017 بازاحة رئيس زيمبابوي النائم دائماً عن احتياجات بلده التي تعاني من الركود الاقتصادي وتفشي الفقر و الفساد.

القارة الافريقية

و تبعتها دولة جنوب افريقيا التي استطاعت الضغط على رئيس الدولة لتقديم استقالته بعد عدم قدرة الحزب الحاكم على ادارة الدولة و فضح ملفات الفساد في جنوب افريقيا، والقدرة على الضغط و تقديم الاستقالات و قبولها هي مهارة لا تجيدها دولة السودان و لا تعترف بها من قريب و لا من بعيد بل تتمسك بالكوادر المترهلة و التي تضعف الارادة الحقيقية في الديمقراطية و اقامة العدالة الاجتماعية و ارساء الاحتكام الى قوانين و دستور الدولة.

أما اثيوبيا (جنة السمر) على الرغم من عمالتها المنتشرة في القارة الافريقية ، الا ان التقدم التكنولوجي و الاستثمارات الواعدة في اثيوبيا لا تقارن بالسودان فهي 30% مما يتوفر لنا!!

قدرة الاثيوبين على احترام المواطن و القوانين و ادارة ملف سد النهضة تحديداً ورقة دبلوماسية تحتسب لصالح اثيوبيا ، فلم تخسر اثيوبيا كلا من السودان او مصر و مازالت ماضية العمل بهمة في سد النهضة حتى اكمال انشائه، بالاضافة الى عدم نيتها الدخول في اي حرب في القارة الافريقية ، فهم يعملون في صمت و لا يتهاونون في مصالح بلادهم ، الغريب ان الشعب السوداني لا يرى الاثيوبين سوى انهم خدم و شغالات فيما انهم قوى عاملة الاكبر من نوعها في القارة الافريقية.

استقالة ديسالين رئيس وزراء اثيوبيا لن يؤثر على عمل سد النهضة فهم يحترمون العمل و يقدسونه لا يقدسون شخصيات يمكن ان تترك منصبها في اي وقت .

السودان ترس في عجلة

بالنظر الى وضع السودان السياسي اثر الحراك الاخير ، الذي بدأ 2018 حاولت فيه قوى المعارضة التي تتبنى في كل مرة الهبات الجماهيرية المعترضة على الأوضاع في السودان فيتم اختزالها في احزاب المعارضة الا ان الحقيقة هناك رافضين كثر لاعاقات تقدم السودان من غير المعارضة .

و يعاني السودان من حجب المعلومات و تكلفة المعيشة المرتفعة حيث ارتفع معدل التضخم فيه الى اعلى حد يمكن ان تتصوره و على الرغم من ذلك تمضي الحكومة في حزمة اصلاحات تذر بها الرماد على العيون و لا تحرك ساكن في ملفات الديمقراطية و الحريات و تتشبث بملفات الأمن و الميزانية المترهلة في ظل ارتفاع الاسعار و الاعتقالات المستمرة لأصحاب الرأي العام و السياسيين ، و قد استهدفت السلطات بهذه الاعتقالات الصحفيين و الصحفيات بل و حتى الكتاب دون وجود اسباب واضحة سوى عدم قدرتها على مواجهة الواقع و عدم اعترافها بتأخر الشعب السوداني عن باقي الشعوب الافريقية و العربية ، و لاتتناسب هذه الافعال مع مبادئ الحوار التي ظلت الحكومة تتغنى على الحانه في مختلف وسائل الاعلام.

و تمضي الحكومة في سياسة اقتصادية احتكارية و قرارات هيمنة الدولة على مصادر الموارد بعد هروب التجار و رؤوس الأموال خارج الدولة بسبب الاعتقالات المستمرة،و لا يتم اشراك المواطنين في هذه القرارات او على اقل تقدير وجود مرجعية واضحة لاسباب ارتفاع الدولار و قرارات منع الاستيراد الذي ساعد على ارتفاع السلع بمختلف المجالات .

و على الرغم من رفع العقوبات الامريكية عن السودان ، الا ان البنوك الخارجية مازالت ترفض التعامل مع بنوك السودان في مجال الاستثمارات و القروض ، وهو ما يشكك في قدرة البنك المركزي على الايفاء بالتزاماته او بوجود شبهات فساد بامتلاك اشخاص محددين ملف الاستثمارات في السودان و البقية خارج السرب.

و بالرجوع الى الوجود الاجنبي في السودان و ملفات منح الجنسية السودانية لاجانب مقابل مبالغ مالية و ازمتها الدبلوماسية مع دولة مصرالشقيقة ، هذين الملفين نجحت الحكومة بامتياز في تعويم المواطن السوداني داخلياً و خارجياً بالاضافة الى عرقلتها فضح ملفات فساد لشخصيات سودانية بارزة.