حصاد 2018.. ختامها ثورة
كانت بداية سنة 2018 من أصعب ما تكون، كانت المعاناة فيها تستشري لتأكل الأخضر و اليابس، لم تكن مألوفة كسابقاتها من السنوات اللاتي اعتدنا فيها على مرارة الألم و الأيام التي تمر ثقيلة و كئيبة، لم اتعود أبدا على الغياب عن ثورات السودان لكن هذه المرة مكرهة كنداكة على المغادرة و الدموع تملئ عينيها، بعدما انهكتني المحاكم و أقسام الشرطة، غادرت و الدعوات تملئ صدري بان أعود إلى سودان مختلف، سودان يحلم بالتغيير بالعمل و الاجتهاد و المثابرة.
و في نهاية هذا العام أود ان ادون أحداث السنة على الرغم من رغبتي في نسيان ما عانيته في هذه السنة، لقد تركت خلفي وطن به رجال اشاوس خاضوا الصعاب، و كندكات مهيرة اللاتي عضضن على شفاهن من ضنك الحياة و مرارة الأيام، أعلم أن ما ممررنا به لم يكن سهل، لكننا ما زلنا أحياء و للقصة بقية تروى.
أهم أحداث 2018 التي مررت بها :
1 - قضية شركة زين
تم حبسي و دفع غرامة في مقابل الخدمات السيئة التي كانت الشركة تقدمها لي، لقد كنت ادفع مبالغ مالية باهظة مقابل لا شيء و أكثر ما آلمني هو ضياع حساب البيتكوين الذي اشتريته منذ زمن بعيد بعد أن ارتفع سعره.
2- قضية التحرش الجنسي
في قسم الشرقي لم استطيع إثبات واقعة التحرش الجنسي التي حدثت لي في حافلة ركاب، بسبب خوف الشهود و اللائي كن طالبات/ طلاب من جامعة الرباط، لقد فهمت وقتها أن حتى الطالبات لم يكن يستطعن الدفاع عن أنفسهن ضد التحرش، لقد هزتني هذه القضية لدرجة أنني إلى الآن لا أستطيع نسيان ما حصل.
لقد تعرضت للتحرش الجنسي في عام 2018 أكثر من 8 مرات، ثلاث مرات لم يتم فيها تحرير اي محضر بسبب فساد الشرطة، و مرة كانت من منسوبي قسم الشرطة أنفسهم داخل قسم الشرطة و التي من المفترض أن يكونوا في حمايتي و حفظي.
و من أغرب مواقف التحرش التي تعرضت لها عندما كنت برفقة زوجي، حيث كان من أحد الركاب و الذي لم يحترم حتى وجود زوجي معي.
3- العنف و التعرض للضرب
عندي تعرضي للضرب و العنف كان من الصعب أن أتفهم دوافع الضرب، كيف يمكن لامرأة تتعرض للتنكيل و العنف و البكاء أن تدافع عن نفسها؟ كيف يمكن للمرأة أن تسامح من اعتدى عليها؟ يمثل العنف ضد المرأة أدنى مستوى من الانحطاط و القسوة، و له آثار نفسية سيئة جداً.
4- السفر إلى مصر
إزاء الاعتداءات المتكررة و مرضي الشديد قررت السفر و الانتقال إلى دولة مصر الشقيقة و التي أجد فيها متنفس و راحة بال على الرغم من الظروف الاقتصادية التي تمر بها إلا أن مصر تعتبر من أكثر الدول التي يلجأ إليها السودانيين/ات، و هناك تبادلات تجارية، ثقافية و فنية، إلا أن مشكلة اللاجئين و التحرش الجنسي أيضاً مازالت أهم القضايا التي يعاني منها الأجانب هناك، بالإضافة إلى غلاء الأسعار المعيشية.
يعتبر معبر ارقين من المنافذ الحدودية بين البلدين السودان و مصر، إلا أن أوضاع المعبر سيئة للمسافرين/ات وهو ما يزيد من معاناتهم/ن، و قد شهدنا حادث احتراق باص الدامر و الذي أسفر عن خسائر للممتلكات و البضائع.
و يبقى أخيراً أن أوضاع السودانيين/ات في مصر تحتاج إلى إعادة نظر و خصوصاً في ظل وجود سفارة لا تكترث و لا تهتم بتحسين حياة المواطنين خارج و داخل الوطن.
و أيضاً أثناء رجوعي تم فقد ممتلكاتي و أمانات كان من المفترض أن تصل لأصحابها تقدر بأكثر من 35 الف جنيه، و بالذهاب إلى قسم الشرطة لم يحدث أي شيء يذكر، و لم يتم رجوع اي شيء.
5- حادثة الاعتداء عليه بالضرب و قطع أذني
من اسوء الحوادث التي عانيت منها أثناء سفري لأداء واجب العزاء في غرقى أطفال المناصير عليهم/ن الرحمة والمغفرة و ربنا يتقبلهم/ن في جناته، و التي لولا لطف الله لكنت في عداد الموتى، عندما قامت منقبة بالاعتداء عليه بالضرب و قطع اذني باسنانها، لقد عانيت من آثار نفسية و جسدية سيئة تم ادخالي على إثرها المستشفى، و على الرغم من وجود القانون و الجودية الا ان ذلك للأسف لك يفلح في أخذ حقي من المعتدية عليه، لقد فهمت من هذا الدرس أن القانون و الأعراف و التقاليد تقف مكتوفة الأيدي أمام حقوق المرأة!!
6- قضية جرائم المعلوماتية
هذه المرة كانت قاصمة الظهر، بوست على فيسبوك في اليوم العالمي للمرأة عن التحرش الجنسي، عندها قامت الدنيا و لم تقعد، على مدى شهر كامل كان الحضور إلى المحكمة مؤلم و استنزاف نفسي و جسدي، خصوصاً عندما تقف أمام شخص تحترمه و قد شاركت معها أسمى عمل وهو التطوع، على الرغم من الهجوم الضاري ضدي في موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) مؤلم و ان يكون ممن؟ من زميلات يدافعن عن نفس القضية، لقد شعرت عندها بالخذلان و الظلم و القهر، لم أعد احتمل حتى النظر في عينهن، لم أعد اطيق البقاء.
و بالرجوع إلى قانون جرائم المعلوماتية المستحدث في عام 2017 و الذي يتخلله الكثير من الثغرات و تستخدمه الحكومة للضغط على أصحاب الرأي العام للحد من حرية التعبير و النشر.
7- إغلاق حسابي على فيسبوك
كانت قضية تسريب معلومات و بيانات محتوى مستخدمي موقع فيسبوك لها أثرها عليه، و خصوصاً أن معلومات حسابي قد كانت من ضمن الحسابات التي تم تسريبها، و باعتراف موقع فيسبوك بتحمله المسؤولية إزاء الأضرار التي قد تصيب المستخدمين/ات اللاتي تك تسريب معلوماتهن لم أعد أشعر بالأمان في وجودي على موقع فيسبوك، لذلك قررت إغلاق حسابي على فيسبوك، و على الرغم من صعوبة القرار إلا أنني لم أجد حل آخر يمكن أن يساهم في رفع الضرر نوعاً هو الابتعاد عن موقع فيسبوك، و لازلت حتى الآن قضية خصوصية بيانات المستخدمين/ات تحتاج إلى إعادة النظر.
وبشكل عام كانت صفوف البنزين، الخبز و الصرافات الآلية تبعث على الاستياء و كأنها تصرخ في وجوهنا غادروا بلا عودة، و الآن بعد أن كتبت اسوء ما مررت به في عام 2018 أود أن ادون لكم/ن أفضل ما مررت به، و يمكن تلخيصها في التالي:
1- زيارتي إلى قبة المهدي
كانت زيارة مختلفة تبعث على الارتياح أن تزور أشهر معلم تاريخي في مدينة امدرمان، لعل هناك من تعود على زيارة قبة المهدي، لكنني زرتها هذه المرة مودعة امدرمان، تاريخ النضال و الشجاعة، مودعة أيام الإخلاص، الأخلاق و الأمل أن التغيير قد يأتي يوماً ما.
1- زيارتي للجامعة الأمريكية في مصر
كان حلم حياتي أن أزور الجامعة الأمريكية بالقاهرة و لقد تحقق الحلم حينما تم اختياري ضمن مجموعة من المتقدمات للحصول على منحة، لذلك كان مجرد ان اكون ضمن اللاتي سوف يتقدمن للمقابلة هو في حد ذاته دليل كافي لما يمكن أن أقدمه، أكثر الأسئلة التي استوقفتني هو : هل سوف تعودين للسودان؟ لقد كانت زيارة الجامعة الأمريكية تجربة ملهمة استفدت منها الكثير، و استمتعت بالتجول في أرجاء الجامعة، شعرت بالانتماء إلى صرح علمي عريق.
2- زيارتي لمتحف أحمد شوقي
من أكثر الأماكن التي تشعر فيها بعمق الكتابة و الإبداع، مكان تجدين فيه متعة التاريخ الذي لا يروى، يدون بخطوط الزمان، ذكريات الماضي و هتافات الحرية.
3- العدد الأول من مجلة أم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية
من أكثر الأشياء التي اسعدتني حصولي على العدد الأول من مجلة ام اي تي تكنولوجي ريفيو العربية و التي أصبحت جزء أساسي من معلوماتي التكنولوجية الحديثة مدمجة مع علم الإدارة، لقد تعلمت أن الخطوات قد تكون بطيئة لكننا نستمر و تستمر الحياة في رسم الدهشة على وجوهنا.
الخبر ما قبل الأخير
اترحم على شهداء ثورة السودان يتقبلهم/ن الله و يصبر أهلهم/ن على الفراق المر و ألم الظلم و الطعنات من الخلف، هؤلاء العزل خرجوا من أجل أن يعيشوا حياة كريمة و ان يصبح السودان أفضل و مستقبل و غد أجمل، هم / هن يستحقون أن يعيشوا لا أن يموتوا، يستحقون التعليم، الصحة، الغذاء، الدواء، المسكن و أخيرا تذكر أيها الحاكم عمر البشير أن الذين قتلتهم/ن مواطنين سودانيون سالت دمائهم على أرض الوطن دون سبب، و مازال شهداء سبتمبر يطالبون بمحاكمة الجناة.
ندعو الله أن يسقط النظام و ان يرحل البشير.
الخبر الأخير
لقد غادرت السودان، قد نلتقي صدفة و قد لا نلتقي، اتمنى لكم/ن عام جديد تحققون فيه ما تتمنون، قف على نهاية ديسمبر وابتسم! ابتسم و قل للراحلين وداعا وللقادمين أهلاً .. بتمنالكم سنه سعيدة ❤️
No comments
Post a Comment