كيف يمكن الخروج من عنق الزجاجة؟!
تعتبر الأوضاع في جميع الدول بعد جائحة كورونا صعبة إلى حد ما، و زادت
صعوبة المرحلة بعد فقد ملايين الأرواح مما اضطر الدول إلى فرض حظر كامل على أغلب
الدول، و الدول العربية و الإفريقية ليست باستثناء من هذا الإغلاق الذي أثر على
الأوضاع الصحية و الاقتصادية للبلاد.
و قد اضررت عدد من المصالح الحكومية و الخدمية جراء هذا الحظر، مما اضطر
الى تدخل منظمات و إنشاء كيانات لتقليل آثار هذا الإغلاق، و في بعض الدول تكاتفت
الدول الأخرى في إرسال مساعدات لعدد من الدول، و قد انتشرت ظاهرة اختفاء المساعدات
في عرض البحر.
و من الواضح أن هناك دول اعتمدت نظام وقائي و نجحت في تخطي أزمة جائحة
كورونا بأقل الخسائر، فيما اخفقت بعض الدول في تخطي آثار جائحة كورونا مما جعلها
عرضة للانتقادات اللاذعة، و يعتبر السودان من الدول الافريقية النائمة التي تعتمد
في صادراتها على الزراعة و الإنتاج الحيواني، فيما كانت تعاني من عقوبات امريكية
اقتصادية وضعت على أثرها في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
و بعد سقوط نظام المؤتمر الوطني "الحركة الإسلامية" و إلتزام
السودان بمرحلة الفترة الانتقالية، مازال السودان يعاني من أزمة اقتصادية متمثلة
في شح الدقيق، البنزين و الجاز، و خصوصاً على أثر اجتياح الفيضان لعدد من القرى و
الأقاليم، و تباين آلاراء السياسية و اعتماد "روشتة البنك الدولي"
لتحرير سعر صرف البنزين، و دخول شركات تجارية إلى جانب الحكومة لبيع الوقود الى
المواطنيين/ات بالسعر التجاري.
و على الرغم من تقديم البنك الدولي و الدول الأخرى حزمة من المساعدات
للتخفيف من وطأة ارتفاع الأسعار و زيادة رواتب الأفراد على المستوى الحكومي، إلا
أن هؤلاء الموظفين/الموظفات يشكلون نسبة ضئيلة من إجمالي التعداد السكاني في
السودان، فأغلب الشعب يعمل في مهن حرة تتمثل في كلاً من : التجارة ، الزراعة و
الشركات الخاصة سواء أكانت مملوكة لأفراد أو شركات مساهمة أو ناشئة، بالإضافة إلى
دخول الشركات الأمنية التابعة إلى المجلس السيادي سوق المنافسة على الرغم من
استلام الحكومة عدد من الشركات و موارد اساسية إلى لجنة إزالة التفكيك و التي
سلمتها إلى وزارة المالية، إلا أن مازال العمل يسير بوتيرة بطيئة لا تتناسب مع
السرعة و التغييرات التي نشهدها في العالم على صعيد الاقتصاد و التكنولوجيا، حيث
لم تشارك السودان حتى الآن في مؤتمرات عالمية اقتصادية، بل تم تخصيص مؤتمرات لدعم
الاقتصاد في المرحلة الانتقالية و هي مربوطة بتحقيق التقدم في العملية السياسية، و
تواجه العملية السياسية تحديات عديدة فتارة تتقدم خطوة و تارة تتعثر خطوات، إلا أن
أصرار الأطراف على المضي قدماً في عملية السلام و التزام السودان بخارطة طريق
للخروج إلى دائرة طوق النجاة يحتاج الى معادلة التوازن بين متطلبات المواطنيين و
الفجوة الاقتصادية بين طبقات المجتمع، تجار العملة و تجار السوق السوداء.
و لعل اللافت إلى النظر أن السودان في ظل التغييرات الجيوسياسية من حوله،
ما ظال الحزب البائد يرخي ظلاله على جميع صنوف الحياة في محاولة لإحداث انشقاقات
داخل حكومة الفترة الانتقالية و تأليب الرأي العام.
و يعتبر المواطن/المواطنة هو أكثر ورقة يمكن الرهائن عليها، فصفوف الانتظار
أمام المخابز، محطات الوقود و ارتفاع الأسعار يساعد على انقسام المجتمع إلى طبقتين
، طبقة غنية تتحكم في آمال و مائلات الشعب و طبقة فقيرة تكاد لا تحصل على أدنى
متطلبات الحياة و لا يتناسب مصدر دخلها مع ارتفاع الأسعار.
و تنعكس الآثار الاقتصادية على جوانب الحياة المختلفة ، حيث يكون لها آثار
اجتماعية، سياسية ، ترفيهية و صحية ... الخ ،مما يؤدي البعض إلى استغلال الأزمات
المتكررة التي يعاني منها الشعب السوداني، و وضعه داخل دائرة الأزمات عوضاً عن
العمل الدؤوب و تنفيذ المهام و التفكير بإيجابية و تفعيل القوانين و المساعدة
كتفاً بكتف للخروج إلى بر الأمان.
و تلعب مواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في توجيه الرأي العام بالإضافة
إلى الإعلام المحلي و العربي، حيث تشتد المنافسة على مختلف التوجهات ما بين معارض
و مؤيد، وهو ما يعكس تناطح ما بين منتسبي الحزب البائد و الحكومة الحالية لإثبات
فشل أو نجاح الإدارة و العمل على التشكيك بل حتى أبعد من ذلك العمل على افشال خطط
برامجية و فعاليات بعدة طرق، وهو ما يعكس وجود عدد مقدر من منتسبي الحزب البائد في
دائرة اتخاذ القرار، و تخبط في الرؤية البرامجية التي يجب أن تبنى على قيم واضحة و
خطة تنفيذية ملمة بالجوانب الفنية و الحياة الاجتماعية بالإضافة الى التقد
التكنولوجي.
و قد يتضح إلى العيان حالة من تضارب المصالح السياسية و الأعمال التجارية
في السوق ، وهو ما يختبر مدى مصداقية العملية الديمقراطية في العمل على ايجاد حلول
مبتكرة و آلية عمل تنفيذية على أر ض الواقع و رؤية المواطن/ة للتغيير على أرض
الواقع على صعيد المؤسسات الصحية، التعليمية ، المواصلات و البنى التحتية .... الخ،
وهو ما لا يشعر به المواطن/ة فالأغلبية يرضخون تحت ضغوط الحياة ممن يحتكرون السلع
و الإتجار بقضايا و هموم الناس، مما أدى إلى انخفاض مستوى التوقعات للشعب و الدخول
في حالة من اليأس و الإحباط على أثر استمرار ظاهرة (الانتقادات السلبية)
"الردم" المستمرة لأغلب الآراء المختلفة.
و على الرغم من ذلك يحاول البعض كسر حالة الجمود و الأوضاع الاقتصادية
الصعبة للخروج إلى بقعة الضوء ، و توجيه نظر الشعب على الضوء المنبعث نهاية النفق،
فمهما طال الظلام يظل الأمل موجود و نستطيع العبور إلى آخر النفق وصولاً إلى الضوء
و الخروج إلى حياة جديدة يستطيع فيها الشعب الحصول على خدمات بجودة عالية و تكلفة
معقولة و مصدر دخل ثابت يفي بمتطلباته الحياتية، حيث يعيش الإنسان بعزة و كرامة.
No comments
Post a Comment