إلى متى يستمر التمييز ؟! اوقفوا نزيف اهدار الطاقات
هناك أشكال متعددة للتمييز ضد المرأة يعتبر التمييز ضد المرأة من أشكال العنصرية التي تتخذ نوع من التسلط و القهر ضد المرأة، حيث يتصور البعض أن تحجيم أو تقزيم المرأة يمكن أن يؤدي الى تحقيق مصالح شخصية، تجارية أو حتى مصالح سياسية، و على مدى سنين من العمل ضمن نطاق بيئة عمل تتسم بالتمييز كنت أعاني خلالها من مواقف مختلفة، لم يخبرني اي شخص على الاطلاق و لا حتى المنظمات الحقوقية أن ما اتعرض له هو في حقيقة الأمر تمييز ضد المرأة، و حقيقة الأمر أن السودان غير موقع على اتفاقية سيداو لحماية المرأة ضد العنف و التي من أحد بنودها عدم التمييز ضد المرأة و تقوم على معرفة الجوانب القانونية و الاجتماعية المترتبة على انتهاك حقوق المرأة أو التمييز ضدها ، لأسباب مختلفة سواء أكان القصد منها الإهانة أو التقليل من شأن المرأة بسبب المكانة الاجتماعية، المنصب، السياسة، الدرجة الوظيفية أو المستوى التعليمي.
يعتبر حرمان المرأة
من التعليم، العمل ، السكن الملائم و توفير دورات مياه ملائمة من أهم استحقاقات
المرأة و قدرتها الحصول على احتياجاتها الخاصة من النظافة الشخصية على سبيل
المثال: الفوط الصحية ضرورة قصوى سواء أكان من خلال التمكين اقتصادياً للحصول على
مقتنياتها الشخصية و أي تعامل لا يليق بالمرأة و حرمانها من هذه المقتنيات يعتبر
إهانة في حقها.
كما أن قدرة المرأة
على التواصل اجتماعياً و الوصول إلى مكان العمل من خلال توفير وسائل النقل اللائقة
يعتبر من أهم وسائل تحقيق استقلالية المرأة، بالإضافة إلى قدرتها على ادخار المال
لنفسها، حتى تجد ما يمكن أن يعولها عند كبر السن، بما في ذلك حصولها على تأمين صحي
و تقاعد معاشي يليق بالمرأة و غير ذلك يعتبر إهانة و تقليل من قدر المرأة.
استحقاق شعور
المرأة بأهمية أن تعيش حياتها كإنسانة لها القدرة على التواصل الانساني، بما في
ذلك قدرتها على الزواج و الإنجاب خصوصاً في زمن كثرة فيه الأمراض النسائية بسبب
خلل في المنظومة الاجتماعية، حيث تقوم بعض المجتمعات بشكل أساسي على حرمان المرأة
من الميراث أو الزواج أو العمل أو التعليم، و الحقيقة لا أعلم سبب هذه الأفكار و التي
توحي بنية سيئة اتجاه المرأة لربما الغرض منها الانقياد و الطاعة للرجل، لربما بعض
المجتمعات مازال لديها فكرة التمييز بين الولد و البنت على أسس جنسية فولوسجية.
و لو أخذنا جانب من
بعض الأمور التي عشتها في حياتي منذ الصغر فكانت تتركز بشكل أو آخر على تسلط فئات
ذكورية من العائلة على القرارات بما فيها قرارات الوالدة، و التي كانت تحاول أن
تستقل برأيها في بيئة متعصبة دينياً ترى في المرأة أم أن تعمل خادمة أو مربية على
أقل تقدير دون إحترام رأي المرأة و قدرتها على اتخاذ قرارات ابنائها، و لا أجد سبب
لذلك سوى دافع التقليل من شأن المرأة و ازدرائها و احتقارها، بينما كانوا يتنادون
و يكٌبرون "المرأة نصف المجتمع" و هم أكذب من كذوب، لم أكن أصدق
اقوالهم/ن فمن كان فعلاً يريد مصلحتك لا يمكن له أن يدفعك الى حافة اليأس و
الإصرار على وضعك في كل مرة تحت الضغط و مفترق الطرق، تسيير الحياة في كل مرة نحو
الاتجاه الى الطريق الصحي تحييد مجدداً بنحو مفاجئ و غريب لا أعلم سبب له!!
لربما كانت تلك المعضلة التي يمكن حلها تحت
مسميات الفيغورثات لكن حياتنا ليست معادلة حسابية تساوي معادل ضرب رقمين، إنما هي
أعمار من يومنا و سنين عشناها تخصم أو تضاف إلى ميزان العدالة ، السعادة و
الإنجاز.
أجد أن المجتمع و
المنظمات ساهمت في انتشار التمييز ضد المرأة، و مع احترامي لكل مجهودات المجتمع
المدني أعلم تماماً أننا نعيش في الواقع و ليس في المدينة الفاضلة أو الافلاطونية،
لذلك أجد أن عدم حصول المرأة على الحماية القانونية أو الدعم المجتمعي و المعنوي
من حولها يمكن أن يؤثر بشكل أو آخر على حالتها النفسية و قدرتها على الانتاج و
العمل بل و حتى قدرتها على تربية ابنائها و العطاء في المجتمع.
كنت اتساءل عن
أسباب ما يحدث معتقدة أنني السبب في سوء حظي، لكنني اكتشفت لاحقاً و تأكدت أنني
لست السبب، بل المجتمع و ما يحمله من أفكار نمطية للمرأة و ما يريد أن تكون عليه،
لذلك نجد أن هناك عدة أسس يستند عليها التمييز العنصري ، و هي كالتالي:
-
التمييز المباشر:
و يشمل معاملة شخص أو احتقاره أو معاملته معاملة
دونية لا تليق بمكانة الإنسان، و قد تعرضت لمثل هذا النوع عندما رفضت صيدليات بيع
دواء و ذهبت الى أكثر من ذلك بل قامت ببيع أدوية بدون فعالية أو كفاءة و بمبالغ
مالية باهظة في محاولة للاستنزاف المالي.
-
التمييز غير
المباشر
من خلال وضع شروط و قوانين تطبق على فئة معينة دون
أخرى بدون سبب واضح، و اعتقد أننا في السودان يتم ممارسة هذه الأفعال بالفطرة فلا
نحتاج الى تساؤلات لماذا يجب عليه أنا دون بقية الأخريات القيام بذلك عندما كنت
اعمل؟ و لا أجد أجوبة واضحة إنما بيئة تدفعك فقط للإقصاء و ترك العمل و الجلوس في
المنزل.
-
الإزعاج
و يتمثل في ممارسة الإيذاء من فئة أو فرد ضد فرد
أو جماعة، و يمكن أن يكون من مجموعة ضد فرد
-
التمييز الفردي
تكون العنصرية فيه موجهة ضد فرد، و تشير الى عدم
التكافؤ في معاملة الفرد، لكونه فرد.
-
التمييز القانوني
تكون العنصرية فيه موجهة لجماعة لحساب جماعات أخرى
حيث يتم استخدام القانون بشكل جائر لتحقيق عدم المساواة .
-
التمييز المؤسسي
تكون العنصرية فيه موجهة لإفادة و تحقيق أهداف
مجموعة على حساب المجموعات الأخرى، على سبيل المثال: المجتمع الهندي.
حرمان المرأة من حقوقها يعتبر من أقسى أنواع
التمييز ضد المرأة و على الرغم من المبررات التي تساق من المجتمع، المؤسسات و
القوانين أجد أن الإصرار على عدم إعطاء المرأة حقوقها ما هو إلا ذريعة للرجل ليشعر
أنه المتحكم وله القدرة على ممارسة سلطته و الاستماع الى رأيه هو و قدرته على
تربية المرأة وفق ما يريد لا احترام رأيها و عقلها، لذلك نسمع و نرى من يتزوج
المختلفة عنه رغبة في تغيير طبعها و تربيتها من جديد، و سوف نذكر أهم أنواع
التمييز ضد المرأة:
1- التمييز ضد المرأة في بيئة العمل و يشمل وظيفة بميزات و حوافز لا تتناسب مع مؤهلاتها أو منع المرأة من تقلد مناصب أو وظائف
أو حرمانها من المشاركة في سوق العمل ، أو عدم إتاحة فرص متساوية من التنافس على
الوظائف، بالإضافة إلى عدم توفير بيئة عمل مناسبة أو تحديد رواتب أقل مما تستحقه،
كل ذلك يعمل بشكل أو اخر على التقليل من مكانة المرأة عوضاً عن اعطائها حقها
كاملاً.
2-
التمييز ضد المرأة في المشاركة السياسية
مشاركة المرأة سياسياً تعزز من الديمقراطية و
تساهم بشكل أو آخر مشاركتها في اتخاذ القرارات فمن غير المجدي الحديث عن دور
المرأة و أنها نصف المجتمع و يهمن الرجل على اتخاذ القرارات منفرداً، يعتبر شكل من
أشكال إقصاء المرأة عن الحياة السياسية، و قد عانت النساء السودانيات لسنوات، على
الرغم من ذلك تعتبر المرأة السودانية أول من شاركت سياسياً من خلال تفعيل دور
النقابات و البرلمان السوداني، كانت في كل مرة يتم تأطير مشاركتها السياسية ضمن
محاصصات حزبية لا ترتقي إلى توسيع القاعدة الفعلية للمشاركة السياسية، حيث تحتم
تنمية قدرات المرأة و تدريبها على المشاركة الفعالة، و أعتقد أن المرأة السودانية
وفق ما حققته سابقاً تراجعت مشاركتها السياسية بشكل ملحوظ، بسبب الضغوطات الحياتية
و انشغالها بتوفير الضروريات بسبب الأزمات المتكررة على السودان.
3- التمييز ضد المرأة في التعليم
من أقسى أنواع التمييز ضد المرأة هو حرمانها من التعليم
لأسباب مختلفة أما للزواج أو التفرغ للأعمال المنزلية، و المجتمعات السودانية لم
تكن ترحب بفكرة تعليم المرأة سابقاً، بل أغلب المجتمعات الريفية و الحضرية كانت
ترى في الخلاوي "تحفيظ القرآن" هو أقصى درجات التعليم ليس للمرأة فقط بل
الرجل كذلك، كانت تنتشر خزعبلات و خرافات حول أن قراءة الكتب قد تصيب الإنسان بالجنون
و العته، كما راجت أفكار حول معلومات مغلوطة منها: أن تعليم المرأة سبب في فتح
عيونها على حقوقها و بالتالي انحلالها اخلاقياً أو قدرتها على الفهم يمكن أن تكون
إحدى اسباب جرأتها وهو مفهوم عاري من الصحة تماماً، حيث أن تعليم المرأة سبب رئيسي
لإرتفاع درجة الوعي و احترامها لذاتها و تقديرها لمكتسباتها و بالتالي قدرتها على
مواجهة تحديات الحياة.
4- التمييز ضد المرأة في السكن
قدرة
استقلالية المرأة في السكن كزوجة، أم، أخت أو ابنة على الشعور بالارتياح إزاء بيئة
تحترم و تراعي احتياجاتها النفسية و السيكولوجية مهم للغاية، بيئة تستطيع فيها
التعامل مع أفراد السكن المشترك دون الشعور بالخوف أو جلد الذات، حيث هذه المشاعر تدمر
كيان المرأة، من الضروري أن تتواجد المرأة ضمن بيئة تشعر فيها التفاعل و المشاركة
و العمل ضمن مجموعة تكن لها الاحترام و التقدير تشعرها بالقيمة و الكرامة ، و أي
شخص يحاول التقليل من شأن المرأة أو إذلالها هو شخص مريض و ليس له علاقة بالمرأة،
لربما هناك اختلافات فكرية يمكن أن تكون سبب في تنامي العداء و الكراهية لكنها تختلف
عن إهانة المرأة و قصد إذلالها.
قدرة
المرأة على اختيار مكان سكن مناسب لها و قدرتها على إقتناء أثاث و مستلزمات منزلها
هو احترام لرأيها و قراراتها، للأسف يوجد في المجتمع السوداني رجال يحرمون على
المرأة إقتناء أثاث لمنزلها أو حتى معدات أو أواني طبخ، و لا أجد مبرر لأفعال من
هذا القبيل سوى أنهم رجال يشعرون بالنقص و العقد المجتمعية، و يعوضون هذا النقص في
الاهتمام بمستلزمات المرأة و التدخل في ادق التفاصيل، و لماذا يتدخل الرجل في
أشياء تخص المرأة وتساعدها على إنجاز أهم وسيلة للبقاء على وجه الأرض و هي الأكل و
الشرب، ما هو الدافع يا ترى؟!
No comments
Post a Comment