Design by Islam Abu Algassim

أخر المواضيع

30 يونيو ثورة شموخ رغم الوجع

لم أستطيع أن يمضي اليوم أو ينتهي دون التدوين عن 30 يونيو ففي هذا اليوم قبل سنتين تظاهر ملايين السودانيين و استطاعوا الانتقال الى مرحلة الفترة الانتقالية بالشراكة ما بين المكون العسكري و المكون المدني على الرغم من رفض الثوار للشراكة بعد فض اعتصام القيادة العامة و سقوط شهداء و مفقودين و مصابين/ات لكنهم اعتبروها خطوة في طريق الديمقراطية.

يعيش السودانيين أوضاع صعبة من جراء ارتفاع الاسعار على الرغم من ندرة الأساسيات إلا أنها أصبحت متوفرة و لكن تدني الرواتب و انتشار العطالة و ذوي الدخل المحدود قد يكونون أفضل حالاً لمن ليس لهم مصدر دخل شهري ثابت، و اعتبر شخصي نموذج فلا يتوفر لي مصدر دخل شهري ثابت أو تأمين صحي لمجابهة متطلبات الحياة، أنه أمر لا يصدق و غير مقبول على الاطلاق أن اضطر للاستدانة لتوفير احتياجاتي الخاصة فيما اكون شخصية مؤهلة و تمتلك خبرات و مهارات أسوة بمؤهلات و مهارات لموظفيين/ات انترناشونال وهو ما يكشف عن احتكار لسوق العمل من بعض الرأسمالية و السياسيين و انتشار فساد التوظيف.

و بالنظر الى مظاهرات و مواكب 30 يونيو و التي سبقها اجتماع مؤتمر سوبا لأعضاء مجلس الوزراء على اثر المبادرة التي اطلقها رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك و تمثلت المبادرتين ( الأزمة الوطنية و قضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام) و التي تهدف الى تحقيق أهداف الثورة، تحصين الانتقال الديمقراطي و توسيع قاعدة الانتقال الديمقراطي لتحقيق شعارات الثورة " حرية – سلام و عدالة" 

و قد فند فيها أولويات الفترة الانتقالية و التي تمثلت في خمس محاور:

  1. الاقتصاد 

  2. السلام 

  3. المحور الأمني و العسكري

  4. العلاقات الخارجية 

  5. قضايا الانتقال الديمقراطي 

و قد تم اتخاذ اجراءات و وضعت حيز التنفيذ من خفض الصرف الحكومي و توسيع مظلة المستفيدين من برنامج ثمرات بتمويل من البنك الدولي.

و قد قام عدد من الضباط مواجهة وزير الداخلية بشعارات مناهضة بسبب مطالبتهم بتحسين اوضاعهم و بيئة العمل و زيادة الرواتب لمجابهة ارتفاع الاسعار و أنهم لن يواجهوا الثوار يوم 30 يونيو و قد انتشرت في الآونة الأخيرة ما يعرف ب "النيقرز" أو "تسعة طويلة" تقوم بسرقة الهواتف المحمولة و كل ما خف حمله و ثقل وزنه مستخدمين المواتر، و قد كنت محظوظة أن قام أحدهن بسرقة مناديل الجيب من شنطتي لتجفيف عرقه تاركاً لي "الموبايل" المتهالك الذي استخدمه، كما صادف وجود الشرطة في اكتر من مكان للقبض على "تسعة طويلة"


لقد اتسمت امدرمان اليوم بالهدوء و خلت الشوارع من المواصلات بل انعدمت تماماً خلال فترة الظهيرة على الرغم من منح الحكومة العاملين/ات في الدولة اجازة رسمية، على غير الخرطوم التي كانت هتافات الثوار من جانب و هتافات الكيزان المناوئة لحكومة حمدوك من جانب آخر.

لقد نددت المظاهرات بسياسات البنك الدولي  الاصلاحية القاسية و التي قد تكون آثارها بعيدة المدى و تتطلب الصبر و ايجاد حلول انتاجية ملحوظة، أما التظاهرات الأخرى ضد حكومة حمدوك دعت الى سقوط الحكومة، و قد انتشرت قوات الشرطة و اطلقت الغاز المسيل للدموع و بحسب المعلومات تم القبض على عدد من الثوار/ الثائرات لا نعلم عددهم/ن كما قامت باعتقال صحفي من قناة الجزيرة.

و قد قامت الحكومة في هجمة استباقية لرموز النظام البائد حيث تم القبض على المئات من رموز النظام البائد لضلوعهم في تنفيذ مخطط يسعى لزعزعة امن و استقرار البلاد، كما قامت بمصادرة اجهزة الهواتف النقالة و مبالغ مالية، و تقود لجنة إزالة التمكين حملات اعتقال و مداهمات بالاضافة الحجز حسابات لأتباع النظام السابق.

فيما قامت خزينة الحكومة الامريكية "هيبك" بمبادرة لإعفاء ديون السودان من ضمن الدول الفقيرة و المثقلة بالديون و تعتبر أكبر عملية اعفاء في تاريخ "هيبك" و التي سوف يكون لها الأثر في الحصول على قروض و منح لتسريع وتيرة الانتاج في السودان.

بشكل عام يستقبل المواطن السوداني هذه الاخبار التي لربما تبعث على الأمل في نفسه وهو يعاني من غلاء الاسعار و محاصصات الأحزاب و عرقلة العدالة و الجلوس أمام المخابز لساعات طويلة للحصول على الخبز ، هناك حالة من التوهان تارة و الشعور بالجوع ، تحديداً انهم/ن يختارون الجوع على عودة الكيزان ، وهو ما يجعل اجسادهم نحيلة و هم يمشون في الطرقات حتى تذوب احذيهم و لربما لا يملكون ثمن الوصول الى وجهتهم مع ارتفاع اسعار المواصلات، ما يبعث على الدهشة أن الشعب السوداني لم ينسى المجاعة التي حدثت في عهد الرئيس السابق عمر البشير لذلك يشكك البعض ان شعارات الجوع هي فكر كيزاني ، و على الجانب الاخر تجد السيارات الفارهة و من يدفعون ثمن الحصول على الوقود و يشترون أغلى الماركات و يستمتعون بحياتهم/ن دون الاكتراث لأي شيء، فمن هم هذه الفئة يا ترى؟ و بعيد عن النمطية أعتقد من حق اي شخص ان يمتلك ما يريد من حق اي شخص أن يعيش في مستوى اجتماعي يليق بالانسانية.

شخصياً تعبت من المواصلات و مهاتراتها بل في اغلب الاحيان لا امتلك ثمن الحصول على مقعد في المواصلات لذلك لا اخرج إلا للضرورة القصوى، و مع انقطاع الكهرباء و خدمات الانترنت السيئة على الرغم من ارتفاع تكلفتها أعول كثيراً على ما يمكنني انجازه على الرغم من كل هذه الظروف المحيطة بي، فقد انتقلت الى العلي القدير اختي المعلمة و لم يمضي على وفاتها 40 يوم اشعر فيها بالحزن و الاحباط، اتساءل هل كان من الممكن مساعدتها و الوصول بها الى بر الأمان بسبب ما كانت تعانيه من اضطهاد و تمييز و تنمر من المجتمع لأسباب قبلية و عنصرية، اوضاع المرأة السودانية و باعتراف حمدوك تحتاج الى تغيير الفكر الذكوري.

اشعر كأنني مكتفة ، اثناء تواجدي في الشارع اتمنى لو كان في يدي ما استطيع تقديمه لهذا الشعب ليخفف عنه وطأة الحياة، اتساءل فيما لو كان من الافضل ان فعلت كذا او كان من الممكن أن افعل كذا، فكل شيء متوفر، نعم كل ما يخطر على بالك موجود و لكن أين المال؟! 

لقد ظل الشعب السوداني هو من يحمي مكتسبات الثورة السودانية في الشارع و مؤسسات الدولة يكشف فساد الدولة و المماطلات و الاعيب فلول النظام، و يحافظ على نزاهة المواطن السوداني، على الرغم من كل ما يعانيه.

أما فيما يخص القبضة الأمنية فلا اعتقد أن هناك جديد فهي سمة أغلب الدول في الشرق الاوسط و افريقيا ، فلم يعد الشعب يبالي أن تم القبض عليه أم لا ، فقد اعتاد على سجون الانظمة الديكتاتورية، و اصبح يعمل من اجل بناء العدالة القانونية و الاجتماعية.

كما أن هناك محاولات من الاحزاب الاسلاموية للعودة الى واجهة السياسة وهو ما يرفضه قطاع واسع من الشعب السوداني، و الذي يؤيد الاتجاه الى الاعتدال ، تطوير التنمية و الاصلاح المؤسسي عوضاً عن الرجوع الى دهاليز الفكر الاسلاموي مرة أخرى و الذي اصبح من الواضح النتيجة الفعلية له، ليس في السودان و حسب أنما حتى في بقية الدول الأخرى. 

فهو يعمل على استكمال هياكل السلطة في ظل ظروف صعبة و كله اصرار على الوصول الى البرلمان أو المجلس التشريعي، مخاض الشعوب ليس في السودان فقط و إنما في أغلب الدول التي اجتاحاتها ثورات الربيع العربي مع عودة الانقلابات الى القارة الافريقية، و نرى في دولة تونس على سبيل المثال معاناة البرلمان و الذي تضطر فيه نائبة للدفاع عن سيادة تونس الى لبس خوذة و درع واقي للرصاص تحت قبة البرلمان للاعتراض على اجازة منحة قطرية تتدخل في الشأن التونسي ، اصبحت الشعوب أكثر تحضراً من البرلمانات التي اجتاحاتها المعارك السياسية !!


No comments